الفلسطيني المغضوب عليه إذ يعزز انتماءه لأرضه
06.05.2020
هكذا بدا المشهد سرياليا وأصوات شيطنة الضحية وتمجيد القاتل تتعالى، بالتزامن مع الذكرى الثانية والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني ومع دخول “الحملة الدولية للحفاظ على الهوية الفلسطينية- انتماء” عامها العاشر، وقد وسعت نطاق عملها بالتعاون مع المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج لها، لتصل وتوصل انتماء كل فلسطيني من أقاصي أمريكا اللاتينية وأرجاء مختلفة من المعمورة لأرضه فلسطين.
نعلم جيدا أن الاحتلال الغاصب الذي ما فتئ منذ عام 1948 وما قبله؛ يعمل على تهويد الأرض وطمس معالمها وتغيير أسماء مدنها وقراها فضلا عن شوارعها، بل وسرقة أزيائها وطعامها، حتى الدبكة الشعبية لم تسلم من تلك المحاولات.
فيعزز الفلسطيني انتماءه لأرضه وهويته غير آبه بدعاوى معزولة لشيطنته، مجسدا تلك السيدة التي احتضنت شجرة الزيتون بصورة حفرت بالذاكرة، رافضة التخلي عن شجرتها والاحتلال يحاول اقتلاعها من جذورها، وهو يعلم أن جذور تلك السيدة ممتدة في تلك الأرض بصلابة ومتانة أقوى من تلك الزيتونة نفسها، بل أقوى من معداته وكل ما حاول اقتلاعها به.
على الساحة الآن يعيش الاحتلال حالة من النشوة بما نراه من تسابق المطبعين للتقرب من الاحتلال وإرضائه، حتى وهو يمسخ الأراضي الفلسطينية، من تهويد للمقدسات وتهديد بضم الضفة الغربية وإقرار لضم غور الأردن والجولان. بل ويتبارون في الترويج لتطبيع العلاقة معه وشيطنة الفلسطينيين المتهمين زورا ببيع قضيتهم.
جهود الفلسطينيين وأنصارهم في حملات كحملة انتماء تصب في قضايا رمزية لتأكيد معاني الحفاظ على الهوية، مثل تسجيل كلمات مصورة بتعزيز الانتماء للوطن وعدم التنازل عنه، وتأكيد (خلال تلك المقاطع المصورة) لحق العودة إلى بيوت الآباء والأجداد في البلدات الأصلية من فلسطين التاريخية، مع رفع للعلم الفلسطيني وارتداء للأوشحة والرموز التراثية (الكوفية والثوب المطرز)، وتغيير للواجهات الشخصية على منصات التواصل الاجتماعي، بما فيها الصورة الشخصية، إلى صور معبرة عن الانتماء لفلسطين.
يعمل القائمون على الحملة في كل عام لإخراجها بأشكال مختلفة عن سابقاتها، على درجات عالية من الجمال والتقنية والحداثة مع الحفاظ على الهوية.
رغم رمزية هذه الأمور وابتعادها عن الفعل المباشر للمقاومة، إلا أنها تواجه تضييقا في عدد من دولنا العربية. أذكر في إحدى حروب الاحتلال على غزة وبعد مجازر وحشية مؤلمة قام بها الاحتلال كعادته، بالانتقام من النساء والأطفال وبيوت الفلسطينيين في غزة، تداعى القوم في مدينة عربية تعج بالتجارة والتنافس العقاري لوقفة تضامن مع فلسطين تحت الحصار والعدوان، ففرح الأصدقاء من المقيمين بتلك المدينة بالمبادرة وذهبوا بحماسة للمشاركة، وهناك وجدوا أنفسهم أمام وقفة صامتة ترفع بها الشموع فقط ويمنع فيها المشاركون حتى من رفع العلم الفلسطيني!
كم يفتخر المتابع عبر الإنترنت وهو يرى آلاف الحسابات عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال شهر أيار/ مايو. ومع ذكرى نكبة فلسطين تتوشح بالعلم الفلسطيني مع عبارة “أنا راجع إلى بيتي”، ثم يكتب كل شخص اسم بلدته الأصلية، تلبية لدعوة “الحملة الدولية للحفاظ علي الهوية الفلسطينية- انتماء”. تسعد وأنت تجد هذا التفاعل من تشيلي إلى إندونيسيا، ليبرّد قليلا على القلب الذي يكتوي بظلم بعض ذوي القربى وأبناء العمومة وشركاء اللغة والجغرافية والتاريخ.
ليس هذا فحسب، بل ويتبارى عشرات بل مئات الفنانين (بمختلف أنواع الفن رسما وغناء وخطا عربيا وما شابه) لتقديم أعمالهم بشكل تطوعي خدمة لفكرة انتماء. تكفيك جولة سريعة في حساب “الحملة الدولية للحفاظ على الهوية الفلسطينية- انتماء” عبر منصات التواصل الاجتماعي وتحديدا فيسبوك وإنستغرام وتويتر، لتجد حجم التفاعل، مع كلمات مسجلة لشخصيات نُكن لها فائق الاحترام، أمثال الشيخ عكرمة صبري والمطران عطا الله حنا، إلى أصغر طفل فلسطيني يؤكد تمسكه بحق العودة.
يعزز هدف ورسالة حملة انتماء الصدى الواسع الذي حققته حملة “العودة حقي وقراري” الداعية للتوقيع على وثيقة قانونية بعدم التنازل عن حق العودة، والتي أطلقهامركز العودة الفلسطيني بداية هذا العام، ليتجاوز عدد الموقعين حاجز المئة ألف، رغم إعاقة وباء كورونا للفعاليات الترويجية للحملة.
هذا غيض من فيض من جهد الفلسطيني للمحافظة على هويته وتأكيد تمسكه بأرضه، رغم كل الأصوات الناعقة لشيطنته وشرعنة اغتصاب المحتل لبلاده، وهو يدرك أن السواد الأعظم من الأمة العربية والإسلامية فضلا عن أحرار العالم معه في ذلك الحق، وأي دعوات خلاف ذلك عبر إعلام MBC وشقيقاتها أو الذباب الالكتروني وأدواته تبقى أصواتا ناشزة وبعيدة كل البعد عن ضمير هذه الأمة.
انتماء تجدد التضامن مع الأسرى