“انتماء” في نسختها الخامسة..تطوّر ملحوظ وقفزة في الأداء
ماهر الشاويش 18.05.2014
في موروثنا الشعبي الفلسطيني يقال: “المكتوب باين من عنوانه”، و”الديك الفصيح من البيضة بيصيح”، ولعل الاستشهاد بهذه الأمثال الشعبية جزء من المشاركة في الحملة الدولية للحفاظ على الهوية الفلسطينية (انتماء) التي بدت في نسختها الخامسة أوسع انتشاراً وأكثر تطوراً وألقاً على كافة الصعد. فالتحضيرات التي بدأت مبكرة هذا العام، فضلاً عن مجمل حراك الاستعداد لها، كانت تشي للمتابع عن قرب بأنّ ذلك سيلقي بظلاله على شكل الأداء في المستويين الميداني والإعلامي الذي تجلى في المؤتمر الصحافي لإطلاق الحملة في نقابة الصحافة اللبنانية، وما سبقه من تجهيزات لوجستية منذ مطلع شهر آذار/ مارس الفائت.
حجم المشاركة
الحملة التي بدأت قبل خمسة أعوام بثلاث مؤسسات، هي: مركز العودة الفلسطيني – لندن، تجمّع العودة الفلسطيني (واجب) في دمشق، ومنظمة ثابت لحق العودة في بيروت، ازدادت لتصل إلى ما يربو على 350 مؤسسة متوزعة في مختلف أنحاء العالم، وهي مؤسسات تُعنى بشتّى جوانب القضية الفلسطينية، وتضم كل شرائحه العمرية وفئاته المجتمعية وتخصصاته المهنية والحرفية، ما أضفى تنوعاً وتعدداً في الأنشطة والفعاليات التي رعتها الحملة.
تنوع الوسائل
لم تقتصر فعاليات الحملة لهذا العام على وسائلها التقليدية التي نشرتها عبر التعريف بها، ولكنها تعدّتها لتشمل مختلف مناحي حياة اللاجئ الفلسطيني، في مأكله ومشربه وملبسه وعاداته وتقاليده وتفاصيل حياته اليومية، في حالة من التماهي الواضح مع أهداف الحملة ورسالتها، ابتداءً من كافة مجريات يوم انطلاقتها وأحداثه في منطقة القليلة بمدينة صور جنوب لبنان، وفي أقرب نقطة من فلسطين، ومروراً بجميع برامج الفعاليات وأشكال التفاعل الذاتي معها من أبناء شعبنا الفلسطيني والمتضامنين معه في شتّى بقاع العالم.
تعدّد الجغرافيا
“انتماء” في نسختها الخامسة، أو “انتماء 5” كما يحلو للبعض تسميتها، تجاوزت حدود دمشق وبيروت ولندن، لتتألق في إسطنبول، وتُزهر في عموم القارة الأوروبية، وتلامس حدود المغرب، وتصدح تغريداتها في الخليج العربي، وتتجذر في داخل فلسطين المحتلة، وتكسر حصار غزة، وتجتاح مستوطنات الضفة، وتقفز فوق جدارها العازل. وهي إن طافت كل هذه الأماكن، واخترقت الحدود والحواجز، إلا أن نكهتها في مخيمي اليرموك وخان الشيح وبعض تجمعات الفلسطينيين في سورية الجريحة، جاءت بتعابير أثلجت صدور القائمين عليها، وأوصلت الرسالة الأساس للحملة، حيث جذوة الشعور الوطني التي لا تنطفئ تجلت في أبهى وأقوى صور الانتماء إلى فلسطين، رغم مرارة اللجوء وقساوة الواقع وتتالي النكبات.
وأخيراً وليس آخراً، لا يزال في شهر أيار متسع لمزيد من الأنشطة والفعاليات، وبتقديرنا أن في الجعبة الكثير، وأن شعبنا قادر دائماً – في كل الظروف – على اجتراح وابتكار العديد من الوسائل والأساليب التي تعكس تمسكه بحقوقه المشروعة، وتظهر انتماءه إلى كل تفاصيل وطنه، ولا سيما أن الحملة تأتي في ظل أجواء المصالحة الوطنية التي أضفت جواً من الارتياح العام، ظهر جلياً في طبيعة وشكل المشاركة في برامج الحملة وأنشطتها وفعاليتها من قبل مختلف فصائل العمل الوطني في الداخل والشتات، وصدّقت هذه المشاركة بوضوح على شعار الحملة “فلسطين تجمعنا والعودة موعدنا”.
بقي القول إنني فوجئت في نهاية كتابتي لهذه الكلمات بأنّ القلم الذي سطّرها هو قلم حملة “انتماء”، ولعلها رسالة بالغة الدلالة.