انتماء وملتقى أدباء العودة في اسطنبول
8,5,2014
خليل مبروك-إسطنبول
يسعى العديد من الأدباء الفلسطينيين بمحافظات تركية مختلفة إلى الترويج لثقافتهم الوطنية، ويساهمون بإنتاجاتهم الأدبية في إثراء الرواية والشعر والقصة التي توثق النكبة وتبرز تمسكهم بـحق العودة.
وحظي ملتقى أدب العودة بدورته الأولى في مدينة إسطنبول التركية بمشاركة نخبة من الشعراء والروائيين والكتاب والنقاد والإعلاميين الفلسطينيين والعرب تحت شعار “نحو أدب عودةٍ عالمي”.
وتضمنت الدورة التي أطلق عليها اسم الشهيد أكرم السماك أوراق عمل أدبية وأشعارا وقراءات نقدية لأبرز الإنتاجات عن النكبة والتمسك بحق العودة.
ويقول الشاعر والأديب ومدير بيت الشعر الفلسطيني سمير عطية -الذي أشرف على الملتقى بالتعاون مع الحملة الدولية للحفاظ على الهوية الفلسطينية “انتماء”- إن هذا الملتقى يشكل قاعدة أساسية لالتقاء العمل الثقافي الفلسطيني.
ويعتبر عطية أن عقد الملتقى في مدينةٍ غير عربيةٍ ينسجم مع رسالة الأدباء في توسيع قضية العمل لفلسطين إلى خارج حدود الجغرافيا التي لا يمكن لفلسطين أن تتقزم بين حدودها، وفق تعبيره.
ويقدم الأديب مأمون جرار مفهوماً سلساً لأدب العودة بقوله “إنه التعبير عن حق كل لاجئ بالعودة لوطنه وعن التمسك بحق المقاومة” داعياً إلى تكريس هذا التعريف في خطط عمل محددة الخطوات تحملها القصة والخاطرة والشعر والنثر.
نزار حرباوي: الملتقى رسالة وفاء لفلسطين وهويتها وجرحها (الجزيرة)
رسالة وفاء
ويشير جرار إلى رمزية اختيار إسطنبول منطلقاً لرحلة أدب العودة باعتبارها المكان نفسه الذي بدأت فيه مساومات الحركة الصهيونية لسلاطين العثمانيين على أرض فلسطين، متمنياً أن يحط الملتقى رحاله على تراب الوطن.
وكي لا يضيع ذكر الإنسان في بحر ما تخطه يداه من إبداع، أبرق عطية بالتحية لروح شهيد أدب العودة أكرم السماك الذي استشهد في قصفٍ عشوائيٍ على مخيم اليرموك بسوريا بعد رحلةٍ طويلةٍ مع أدب العودة من خلال بيت الشعر الذي كان ينشط في المخيم.
أما الأديب والإعلامي نزار الحرباوي فيصف الملتقى بأنه “رسالة وفاء وانتماء لفلسطين ولهويتها وجرحها النازف والراعف” مشيراً إلى أن انعقاد الملتقى يبعث برسالةٍ لكل العالم مفادها أن فلسطين حاضرة في أذهان نخبها المفكرة وشعرائها وأدبائها.
ورغم أنهم ينسبون لنكبة فلسطين جرح الوطن ونزف الهوية، فإن المشاركين بالملتقى لا ينكرون دور هذه النكبة في خلق الحالة الإبداعية التي يأملون أن تساهم في تحقيق حلم العودة للأرض والإنسان.
ويقول حرباوي للجزيرة نت إن الجراح دوماً تبعث على الإبداع والتألق لدى الشعراء والنخب المفكرة والمبدعين في عالم الرواية والشعر والقصة والأقصوصة.
ويتابع القول “إن الأدب يستلهم الواقع ويصوغه بصورةٍ معرفيةٍ وبإطارٍ غير نمطيٍ، ويحاول من خلاله ترسيخ ذكرى النكبة وما تلاها من تهجيرٍ للفلسطينيين ما بين بيت الشعر وجملةٍ قد تترك هنا في زاويةٍ من زوايا الخواطر أو الروايات”.
رمضان عمر: النكبة ساهمت بإنشاء وعي جمعي يلتحم بحق العودة (الجزيرة)
وعي جمعي
ويستلهم الشاعر رمضان عمر المعاني نفسها من مفردات النكبة التي يقول إنها وإن تسببت في تشتت الفلسطينيين، لكنها ساهمت في إنشاء وعيٍ جمعيٍ يلتحم بحق العودة ويستنهضه، مضيفاً أن لأدب العودة دورا كبيرا في رد القضية الفلسطينية إلى مكانتها المركزية التي أخرجت منها.
ويؤكد عمر أن مهمة الأدباء الفلسطينيين لا تقتصر على استحداث النصوص في أدب العودة بل تمتد لتحويل هذا الأدب إلى مشروعٍ يتجاوز عثرات الساسة، ويمنع اندثار الهوية بانكسارهم.
ويصف الشاعر عملية تحويل الأدب إلى مشروع بـ”الثورة الهامسة” ويقول إن المزاوجة بين الأدب كمضمونٍ ودلالات تصبح حركة تتسم بالثورية، مشيرا إلى أن القصيدة يمكن أن تصبح ظلاً للسياسي إذا بنيت على إستراتيجيةٍ ناضجةٍ لمشروع الثقافة الذي يكون الهوية.
بدوره، يرى الأديب سعيد الحاج أن الأدب يلعب دوراً كبيراً في بناء البنية الفكرية والثقافة القيمية التي تقود لأي ثورةٍ اجتماعيةٍ أو سياسيةٍ، موضحاً أن ملتقى العودة يرسخ لهذا المفهوم عن طريق التأسيس لوعي جمعي لإحداث التغيير في المجتمع.
ويقول الحاج في حديثه للجزيرة نت “إن الأدباء والفنانين حول العالم يعبرون عن قضايا المجتمعات ومكنوناتها، وفي الحالة الفلسطينية فإن النكبة بكل تفاصيلها حاضرةٌ في كل مخرجات الحياة الأدبية الفلسطينية، وهذا ما يفسر بروز اللون الوطني في جميع الصور التي يرسمها الأدباء الفلسطينيون البارزون”.