«كعك العيد».. تراث فلسطيني يتصدر الاجواء الاحتفالية في المخيمات الفلسطينية في لبنان
محمد السعيد، خاص – لاجئ نت
مع انقضاء شهر رمضان المبارك، وحلول عيد الفطر، تزدحم الأسواق بالباعة والمتسوقين، في مشهد احتفالي متكرر. وعلى الرغم من هذه الظروف إلا أنهم متمسكون بالعادات والتقاليد التي ترافق عادة شهر رمضان المبارك، لتجد دائماً فسحة من الأمل والفرح، للاحتفال بالأعياد والشعائر الدينية، حتى لو بأقل الإمكانيات وتتحول ساحات وازقة المخيمات إلى مدينة ألعاب صغيرة، تنتشر فيها المراجيح الحديدية، ويتجمع حولها عشرات الأطفال الذين ترتسم البسمة والفرحة على وجوههم.
وأولى أشكال البهجة والفرح التي يمكنك لمسها عند دخول المخيم، هي رائحة الكعك التي تفوح في أحياء وأزقة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان للإعلان عن موعد واقتراب العيد، فنجد النساء يهمون لتحضيره قبل أيام من حلول العيد وهي من أبرز العادات السنوية التي تحرص الأسر على التمسّك بها، ويعتبر الكثيرون صناعة “كعك العيد” في البيوت دلالة على أصالة الشعب الفلسطيني. إذ يتمّ توزيع كمية من الكعك على الجيران وأفراد الأسرة والأقارب في أولى أيام العيد، إضافة إلى تقديم الكعك للزوّار والمهنئين بالعيد، وهي من عادات وتقاليد الشعب الفلسطيني التي انتقلت عبر الأجداد من جيل إلى آخر.
بهجة لا تكتمل دون إعداد كعك العيد، حيث بدأت اللاجئة إسراء “أم أحمد” من أبناء مخيّم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان والتي تعود جذورها إلى قرية الناعمة قضاء صفد في فلسطين بإعداده قبل أيام من حلول عيد الفطر، لما له من بهجة خاصة تحدثت لـ”شبكة لاجئ نت” عن “لمّة الأهل والجيران” كأحد مظاهر العيد المميزة قبل نهاية شهر رمضان.
وأشارت أم أحمد، أن عمل الكعك بالمنزل له مذاق خاص على الرغم من الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة، وله معاني كثيرة كعودة جو الألفة والمودة والمحبة الذي نفتقده كثيراً، حيث يجتمع الأهل والأقارب للمساعدة في صنع الكعك، مشيرة إلى أن هذا الجو يخلق مناخًا للكلام وتجاذب أطراف الحديث.
وقالت “أم أحمد”: “أحرص كل سنة وأقوم قبل حلول عيد الفطر، بصناعة الكعك، وأقوم بتحضير السميد والطحين والسمن والبهارات، وأعجنهم وأتركهم لليوم التالي، وبعدها أقوم بتحضير التمر والجوز للحشوة، والنقش بعدة أشكال مختلفة من خلال القوالب على شكل نجوم أو دوائر وغيرها.
وأضافت “أم أحمد”: “وبعد الانتهاء من الخبز، نترك الكعك حتى يبرد في سدر الألمنيوم الكبير، واقوم بتزينها بالصواني ورش السكر البودرة لتقديمه للضيافة أثناء زيارات العيد”.
وفي نهاية حديثها، قالت أم أحمد بأنها ستقوم بصناعة الكعك كل عام لأنه من عاداتنا وعادات أجدادنا، وتراثنا، وواجبنا الحفاظ على هذا التراث، إضافة إلى أنه يعطي بهجة وفرحة للعيد”.
وتعود صناعة كعك العيد في التاريخ الإسلامي إلى الطولونيين، الذين كانوا يصنعونه في قوالب خاصّة مكتوب عليها: “كُل واشكُر”. ثم أخذ مكانة متميّزة في عصر الإخشيديين، وأصبح من بعدهم أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر في كافة أقطار البلاد العربية والإسلامية المختلفة.